فيديو: النظرية الذرية الحديثة الكيمياء • الصف الثاني الثانوي
في هذا الفيديو، سوف نتعرف على المفاهيم الأساسية للنظرية الذرية الحديثة، وكيف تم بناؤها على نموذج بور للذرة.
نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعرف على المفاهيم الأساسية للنظرية الذرية الحديثة، وسنقارنها بنموذج بور للذرة، الذي سبقها. طورت جميع النماذج الذرية لتفسير شيء ما. ويعبر نموذج الكرة المصمتة الذي صاغه دالتون عن كيفية تراص الذرات معًا. أما جيه جيه طومسون ونموذجه المسمى بنموذج حلوى البرقوق فيفسر وجود جسيمات سالبة الشحنة داخل الذرة. وهي الإلكترونات. وأثبت كل من جيجر وماريسدن ورذرفورد وجود النواة، وهي جزء كثيف موجب الشحنة موجود في مركز الذرة تمامًا. والنواة هي التي تحتوي على البروتونات. وأثبت شادويك فيما بعد أن النوى أيضًا تحتوي على جسيمات عديمة الشحنات. وهي النيوترونات.
ولكن حتى قبل أن يثبت شادويك وجود النيوترونات، قدم نيلز بور وإرنست رذرفورد نموذجًا جديدًا للذرة. وفي نموذج رذرفورد وبور، المسمى غالبًا نموذج بور فحسب، تشغل الإلكترونات مدارات حول النواة مثل الكواكب حول الشمس. ترتكز النواة في المنتصف، وتدور الإلكترونات حول النواة في مدارات مستوية، وتتحدد المسافة التي يبعدها كل مدار عن النواة بعدد الإلكترونات التي تدور فيه والشحنة النووية. ويحظر على الإلكترون أن يدور حول النواة في المناطق التي بين المدارات الثابتة.
يفسر نموذج بور حقيقة أنه عند استثارة الذرات أو الأيونات، تنبعث منها أنماط متكررة من الطيف، وهي خطوط فردية لها أطوال موجية محددة. والاختلافات الواضحة في الطاقة بين المدارات هي المسئولة عن هذا السلوك. ويمكن انتقال الإلكترون إلى مدار أعلى ويطلق ضوءًا محدد الطاقة عندما يهبط مرة أخرى. بالنسبة لكل نواة، كانت هناك قائمة بالانتقالات المحددة المسموح بها، وتطابقت هذه الانتقالات مع النتائج، على الأقل لعنصر واحد. بالنسبة للهيدروجين الذري، كان نموذج بور دقيقًا جدًّا، لكن مع الذرات التي تحتوي على أكثر من إلكترون، عجز نموذج بور عن إعادة تسجيل نتائج تجريبية دقيقة.
وبطبيعة الحال، يتضمن نموذج بور الكثير من العمليات الرياضية، ولكننا لن نتطرق إلى تفاصيلها. وبدلًا من ذلك، سنستعرض بعض أوجه القصور في نموذج بور، وبعدها سننتقل للحديث عن النظرية الذرية الحديثة. كما ذكرنا سالفًا، فإن نموذج بور، من الناحية الرياضية، لم يصف بدقة الأنظمة متعددة الإلكترونات، والتي تمثل معظم الكيمياء. لذا كان النموذج غير ملائم حتى مع نظام بسيط مثل ذرة الهيليوم ذات الإلكترونين.
ومن المهم أيضًا أن تتيح لنا النظرية المفسرة للذرة المضي قدمًا نحو وصف الروابط بين الجزيئات والمواد الأيونية. إلا أن نموذج بور لم يقدم مسارًا واضحًا للمضي قدمًا. وأحد الدلائل الواضحة على قصور نموذج بور هو أن بعض خواص خطوط الطيف لم تؤخذ بعين الاعتبار، ومنها مثلًا أن بعض خطوط الطيف كانت أشد كثافة من غيرها، ووجود خطوط مميزة قريبة للغاية من بعضها ولم يستطع أي من الانتقالات في نموذج بور تفسيرها، وفي وجود مجال مغناطيسي، يمكن أن تنقسم خطوط الطيف إلى نصفين. وهذا التأثير لا يمكن تفسيره بواسطة نموذج بور.
كان أبرز أوجه القصور في نموذج بور هو خرق مبدأ عدم التأكد لهايزنبرج. ومبدأ عدم التأكد لهايزنبرج هو جزء من نظرية الكم التي ظهرت لاحقًا، وينص على أنه كلما زادت دقة تحديد موضع الجسيم في الفراغ، قلت القدرة على تحديد كمية تحرك الجسيم. وهذه سمة أصيلة وأساسية للكون، ولكننا لن نخوض في تفاصيلها. لكن يمكننا تبسيط الأمر ونقول إنه يمكننا إما معرفة موضع الجسيم أو سرعته. وكلما توخينا الدقة في قياس أحدهما، زاد عدم تأكدنا من الآخر. أما في نموذج بور، فإن موضع وكمية تحرك كل إلكترون معلومان ومحددان بدقة.
يتطلب ذلك فهمًا عميقًا، لكن يمكننا تلخيصه في مبدأ بسيط جدًّا للمادة. تعامل نموذج بور مع الإلكترونات بصفتها جسيمات تدور بطريقة يمكن التنبؤ بها. لكن أثبت دي برولي أن للإلكترونات خواص موجية بالإضافة إلى الخواص الجسيمية. ازدواجية الموجة والجسيم هو اسم المفهوم الذي يوضح أنه بإمكاننا وصف الأشياء بطرق جسيمية وكذلك بطرق موجية. فالإلكترون يتصرف كالجسيم، فهو مثلًا له كتلة، كما يمكن للإلكترونات أن ترتد عند اصطدام بعضها ببعض. لكن الإلكترونات تتصرف أيضًا كالموجات، وتنتج أنماط حيود بنفس الطريقة التي يتصرف بها الضوء في تجربة الشق المزدوج. يظهر الإلكترون ازدواجية الموجة والجسيم. فله خواص جسيمية وخواص موجية.
ويعد المفهوم القائل بأن الجسيمات تتصرف أيضًا كالموجات مفهومًا أساسيًّا في النظرية الذرية الحديثة، ويعتمد كذلك على نظرية الكم. في أوائل القرن العشرين، كان هناك العديد من النظريات والاكتشافات التي أحدثت ثورة في ما نسميه بالفيزياء الكلاسيكية. في الفيزياء الكلاسيكية، ينظر إلى جميع أنواع الطاقة على أنها مستمرة. فيمكنك اختيار أي قيمة. لكن نظرية الكم طرحت الفكرة القائلة بأن أنواعًا محددة من الطاقة تأتي في حزم منفصلة تسمى الكمات. ويعتمد حجم هذه الكمات على النظام الذي نتعامل معه. وتفاصيل هذا المفهوم معقدة. لكن الأمر الأساسي الذي يجب معرفته هو أن هذا المفهوم مهد الطريق لبناء نموذج أفضل للذرة.
كان لنظرية الكم أثر هائل في فهمنا للضوء. فالضوء يتألف من كمات تسمى الفوتونات. أحد هذه الفوتونات الخضراء يمتلك المقدار المناسب تقريبًا من الطاقة لكسر الرابطة الأحادية بين ذرتي كلور. ويمتلك فوتون الضوء الأزرق طاقة أكبر، بينما يمتلك فوتون الضوء الأحمر طاقة أقل. وفي ضوء هذا الفهم، يمكننا أن ندرك لماذا بعض الأطوال الموجية للضوء تكون ذات تأثير، أما البعض الآخر فليس له تأثير. وإذا لم تتوافق طاقة الفوتون مع فرق الطاقة اللازم للانتقال، فلن يحدث الانتقال.
أدى فهم ازدواجية الموجة والجسيم ونظرية الكم، جزئيًّا، إلى ظهور نموذج جديد للذرة ما زلنا نستخدمه إلى يومنا هذا. ساهم الكثير من الأشخاص في النموذج التالي للذرة، وعلى الرغم من خضوعه لمراجعات منذ القرن العشرين، فإن النسخة المبسطة من النموذج ظلت كما هي. وكان أول تعديل على نموذج بور هو أن الإلكترونات يمكن أن تتصرف بطريقة موجية. فلا ينظر إلى الإلكترونات على أن لها موضعًا أو كمية حركة ثابتين وواضحين، ولكن يمكنها أن تنتشر بطريقة يصعب فهمها. وتتصرف هذه الموجات الإلكترونية مثل الموجات الموقوفة المتولدة في أحد الأوتار. ويمكننا تشبيهها بالطريقة التي يمكن لأحد أوتار الجيتار أن يهتز بها، إلا أن الإلكترونات تفعل ذلك في ثلاثة أبعاد؛ مما يجعل من الصعب جدًّا تصور ذلك. لا تقلق إذا لم تستطع تخيل الأمر، فالكثير من الأشخاص يجدون صعوبة في ذلك.
تمامًا كما هو الحال مع أوتار الجيتار، يسمح فقط بموجات إلكترونية محددة، وأحد أهم السمات التي أظهرتها لنا الرياضيات والأوصاف هي أننا لا نفكر كثيرًا في موضع الإلكترون، ولكن في المكان الذي يحتمل وجوده فيه. ثم نحسب المتوسطات لفهم سلوك الإلكترون. إذن، على الرغم من أنه في الوصف القديم، ظلت المسافة بين الإلكترون والنواة ثابتة، جاء النموذج الميكانيكي الموجي ليصف الإلكترونات بأن لديها عددًا من المواضع المحتملة. وفي أي وقت من الأوقات، ربما تكون أقرب إلى النواة أو ربما تكون أبعد.
والأمر الأهم من وجهة النظر الرياضية هو التوزيع ومتوسطه. عندما يكون لدينا مواقع ذات احتمالات مختلفة، فإننا نستخدم التوزيع. يمكننا أن نفكر في أن الإلكترون موجود على مسافة ثابتة من النواة لمقدار محدد من الزمن. وفي بعض الأحيان يكون الإلكترون قريبًا من النواة. وفي بعض الأحيان الأخرى يكون بعيدًا عنها. لكن في معظم الأوقات يكون الإلكترون في المنتصف بينهما. فقط ضع في اعتبارك أن الحديث عن موضع إلكترون ذي خواص موجية أمر معقد للغاية؛ لذا فهذا مجرد تبسيط.
عندما نفكر في هذه السلوكيات، نبدأ في الحديث عن الاحتمالات، ويعرف التوزيع الاحتمالي لموضع الإلكترون باسم الدالة الموجية. وبعض الموجات الإلكترونية لها أشكال مميزة؛ لذا يجب أن تتضمن الدوال الموجية الزاوية وكذلك المسافة التي يبعدها عن النواة. ومع ذلك، في هذا المثال البسيط، سنكتفي بالحديث عن المسافة التي يبعدها عن النواة.
توصل إرفين شرودنجر إلى صيغة تربط هذا التوزيع الاحتمالي بطاقة الإلكترون، والتي تطابق طاقات نموذج بور لذرة الهيدروجين. تفاصيل هذه المعادلة بعيدة كل البعد عما نتناوله في هذا الفيديو؛ لذا لا تقلق بشأن تذكر المعادلة. المهم هو أن هذا النهج الخاص بالاحتمال والموجات الإلكترونية أتاح لنا التنبؤ بالطريقة التي تسلكها الأنظمة ذات الإلكترونات المتعددة. كما أتاح لنا فهم سلوك الإلكترونات عندما تتحد معًا في روابط كيميائية.
يمكننا تخيل النموذج الميكانيكي الموجي على أنه مبنى. طوابق المبنى لها ارتفاعات ثابتة، تمامًا مثل مستويات الطاقة في الذرة. ربما يقضي الشخص الذي يعمل في الطابق الأول معظم وقته جالسًا على مكتبه، لكن في بعض الأحيان سيحتاج إلى الحصول على الماء من مبرد المياه، وأحيانًا يسترخي بجوار النافذة. المهم هو أنه عند حساب المتوسط، نجد أنه يكون جالسًا على مكتبه يؤدي عمله أغلب الوقت. وإذا بذل طاقة كافية، فقد يحصل على ترقية إلى طابق أعلى ومكتب أفضل. وإذا حدث العكس، فهذا يشبه تحرر الطاقة. تناولنا الآن نظرة عامة على الأساسيات. لنتدرب على حل سؤال تدريبي.
يوضح التمثيل البياني احتمال وجود الإلكترون على بعد مسافة من النواة في المدار 1s لذرة الهيدروجين. ما المسافة التقريبية التي يحتمل عندها وجود الإلكترون من النواة؟
ها هو التمثيل البياني. احتمال وجود الإلكترون متمثل على المحور 𝑦، والمسافة التي يبعدها عن النواة على المحور 𝑥. بدون وحدات لمحور الاحتمال، يمكننا أن نفترض أننا نتعامل مع احتمال نسبي. لذا، فإن احتمال النقاط الأعلى على المحور 𝑦 أكبر من النقاط الموجودة في الأسفل. يخبرنا السؤال أيضًا أننا نتعامل مع إلكترون في المدار 1s لذرة الهيدروجين. ذرة الهيدروجين لها التوزيع الإلكتروني 1s1. وتتميز المدارات من النوع s بأنها كروية. هذا يعني أن احتمال وجود الإلكترون لا يختلف بناء على الزاوية التي تشير إليها. فقط المسافة التي يبعدها عن النواة هي المهمة.
ونحتاج إلى إيجاد المسافة التقريبية الأكثر احتمالية للإلكترون التي يبعدها الإلكترون عن النواة. الحدث الأكثر احتمالًا هو الحدث ذو الاحتمال النسبي الأعلى. إذن، علينا إيجاد أعلى نقطة في هذا المنحنى ثم نرسم خطًّا لأسفل وصولًا إلى المحور 𝑥 لإيجاد المسافة. أعلى نقطة على هذا المنحنى نجدها هنا. هذا يقابل مسافة من النواة قدرها 50 بيكومترًا. السؤال يطلب فقط إيجاد المسافة التقريبية. لكن بمجرد النظر، نرى أن هذه القمة تمس الخط 50 بيكومترًا؛ لذلك يمكننا الاطمئنان إلى أن 50 بيكومترًا هي الإجابة الصحيحة. ما يعنيه هذا هو أنك إذا بحثت عن موضع الإلكترون في المدار 1s لذرة الهيدروجين، ستجد في أغلب الأحيان أنه يقع على مسافة تبلغ 50 بيكومترًا تقريبًا.
دعونا نختتم الدرس بذكر أهم النقاط. يعد النموذج الحديث للذرة تطورًا لنموذج بور، والذي ينص على أن الإلكترونات تدور في مدارات دائرية حول النواة على مسافات ثابتة. لم يستطع نموذج بور سوى التعبير عن طاقات ذرات مثل الهيدروجين ذات الإلكترون الواحد. كما خرق نموذج بور مبدأ عدم التأكد لهايزنبرج، والذي يعد سمة أساسية للكون. ينص مبدأ عدم التأكد لهايزنبرج أنه كلما زادت دقة معرفتنا بموضع الجسيم، قلت قدرتنا على معرفة كمية حركته بدقة والعكس.
وتنص النظرية الذرية الحديثة، وهي النموذج الميكانيكي الموجي، على أن الإلكترونات تشبه الموجات الموقوفة وتتحدد مواضعها وفق توزيعات احتمالية. تعرف هذه التوزيعات الاحتمالية باسم الدوال الموجية. الطبيعة الموجية للإلكترون هي جزء من مفهوم يسمى ازدواجية الموجة والجسيم. الشيء الأساسي الذي نحتاج إلى فهمه بشأن ازدواجية الموجة والجسيم هو أن الجسيمات مثل الإلكترونات لها خواص موجية أيضًا.